في ظل تسارع هذا العالم .. حتى يظن الظان أن أمس يومه يبعد عنه كثيرًا .. لا يذكر المرء أين صلى و لا ما أكل أو من التقى .. كما أن الانجازات تختفي مع كثرة المشاغل و الملهيات و أطنان من رسائل التواصل الإلكترونية . فكنت قبل دخولي المرحلة الجامعية أكتب بعض الذكريات و بعض المواقف في سطور أو أبيات .. أو بشكل رسائل شخصية .. ثم تطور الأمر في أول سنتين في الجامعة فصرت أكتب لنفسي مجمل أحداث الأسبوع .
و في السنة الثالثة .. اخترعت طريقة أراها جيدة في حينها .. اشتريت مفكرة شخصية بربع مقاس ورق الطباعة و صرت أكتب فيها الجدول الأسبوعي ( أفقي مقسم بأوقات الصلوات و عمودي مقسم بالأيام ) و ما فعلته في كل وقت – بغض النظر إذا كان هناك إنجاز أو لا – .. و كذلك الأفكار و الخواطر و ما أحضره من دروس و محاضرات و المهام اليومية و الأسبوعية .. و حلول بعض مسائل الرياضيات الفنية .. و أرسم – أحيانًا – بعض النقشات و مسودات التصاميم .. كما تحتوي المفكرة على المواعيد المهمة و طلبات الإخوان .. و فوائد القراءة و الإطلاع و أسماء الكتب و عناوين الأشرطة .. الخ . و استمريت على هذا النحو قرابة الثلاث سنين .
و بعد التخرج .. تغير وضعي قليلاً بشأن ترتيب الوقت و كثيرًا بالنسبة للأشغال .. فاعتمدت على طريقة مغايرة .. فكنت أجدول الأسبوعي على ورق الطباعة العادي .. و اجعل خانة على يسار الجدول للمهام و الملاحظات و القراءة .. و كنت أحمل مفكرة بحجم ثُمن ورق الطباعة .. أستخدمها لتسجيل الملاحظات و الخواطر و المهام المستعجلة .. كذلك في انتزاع الأوراق منها 🙂 .. حتى قل حجمها بشكل ملحوظ !!
ثم انتقلت أخيرًا إلى فكرة أعجبتني .. خصوصًا بعد اقتناء جهاز جوال يدعم آخر التقنيات .. فصرت أسجل المواعيد في أوقاتها في تقويم الجوال و وضع التنبيه المناسب و مشاركة الموعد ببريد المتواعدين ، ثم عمل مزامنة مع موقع التقويم المشهور لحفظها من الضياع لا قدر الله .. كذلك أقيد الإنجازات و مشاغل الوظيفة و طلباتها في كتاب الأجندة ( الذي توزعه لنا الشركة ) .. و على جانب آخر أكتب أهم حدث حصل في اليوم و متابعة القراءة و المراجعة و الورد في ملف الجدولة المشهور .
لقد استفدت كثيرًا من هذه المتابعة الدقيقة لنشاطي اليومي .. فكثير لا أهتم بما قد حصل ( قد حصل و انتهى ) سواء الجيد و غير الجيد !! لكن بعد هذه المتابعة .. صرت أحلل طريقتي في توزيع الوقت و ترتيبه .. و صرت أدرك كثيرًا من الفنيات في التعامل مع الآخرين بشأن الوقت .. كما صرت أهتم بالمواعيد و أحاول الضن بالوقت لمصلحتي .
كما أن لدي ملاحظات قيمة وممتعة و ذكريات ماتعة لجميع الأيام بحمد الله .. لأني أهتم بالذكريات .. كما صرت أدرك ما معنى الفرق بين ( الإهمال ) و ( الاهتمام ) .. و صرت أحاول تطوير نقاط الضعف و التي ظهرت من تراكم المعلومات .
و الآن .. و بعد مضي خمس سنوات من تدوين شامل ( و ليس دقيق ) لأجزاء من حياتي .. أتمنى ممن يشاركوني حياتي أن يكتبوا حياتهم .. حتى يدركوا مقدار التطور الذي حصل لشخصياتهم بين الفينة و الأخرى .. كما أتمنى من أصدقائي و زملائي الأعزاء اختراع فكرة جديدة لتدوين أهم انجازاتهم اليومية .. فربما يحتاجها في يوم من الأيام . حاليًا سأسعى لتطوير أسلوبي لكن لا بد أن تكون فكرة جديدة .
اترك رد